اختطاف السائحين في الصحراء الغربية.. غموض وتوتر وخوف من انفلات الأعصاب

لايزال الموقف شديد الغموض والخطورة فيما يتعلق باختطاف عصابة مجهولة لـ11 سائحاً أجنبياً "خمسة إيطاليين ومثلهم ألمان وواحد من رومانيا" بالإضافة إلى 8 مصريين -من ضمنهم رئيس شركة سياحية- في منطقة "الجلف الكبير" في الصحراء الغربية على الحدود المصرية الليبية السودانية.

ففي الوقت الذي بثت فيه اليوم "23 سبتمبر 2008" وكالة رويترز خبراً نقلاً عن مسئول أمني مصري يقول إن المختطفين هددوا -لأول مرة- بقتل كل الرهائن إذا ما حاولت القوات المصرية الوصول إلى مكانهم وتحريرهم بالقوة. سافر إلى السودان وفد أمني رفيع المستوى يضم عدداً من كبار رجال المخابرات المصرية العامة للوقوف على آخر تطورات الأزمة بعدما صارت الآراء أميل للقول بأن المختطفين موجودون حالياً ومعهم الرهائن في الأراضي السودانية.

وكانت مصر قد أعلنت الإثنين 22 سبتمبر 2008 عن خبر الاختطاف في الوقت الذي أكدت فيه السلطات الألمانية أن اتصالاتها قد انقطعت مع السائحين الألمان الذين خرجوا في رحلة سافاري إلى "الجلف الكبير" منذ يوم الجمعة 19 سبتمبر. وسادت حالة كبيرة من الارتباك الأجهزة الرسمية بعد الإعلان عن خبر الاختطاف لدرجة أن المتحدث باسم مجلس الوزراء د."مجدي راضي" اضطر في وقت متأخر من مساء 22 سبتمبر إلى تكذيب ماقاله في وقت سابق وزير الخارجية المصرية "أحمد أبو الغيط" الموجود حالياً في أمريكا بأنه تم تحرير جميع الرهائن، وهو أمر أكد أن الخلية المتعاملة مع الأزمة الحالية تنحصر بين الأجهزة الأمنية الرفيعة "الدفاع- المخابرات- الداخلية" ولا علاقة لوزارة الخارجية بها.

ونفت مصر أن يكون هناك اتصال مباشر مع المختطفين المجهولين حتى الآن. وقالت مصادر رسمية إن المعلومات تأتيهم عبر زوجة رئيس الشركة السياحية المختطف والذي يتصل بزوجته لإبلاغها بطلبات المختطفين الذين تداول أنهم طالبوا بفدية تتراوح قيمتها بين 5 إلى 15 مليون دولار للإفراج عن الرهائن دون تأكيدات على صحة هذه الأخبار.

وقالت "ميرفت عزمي" إحدى المهتمات بالسياحة الصحراوية والحياة البرية والطبيعية والتي زارت المنطقة التي وقعت فيها عملية الاختطاف من قبل: "إن "الجلف الكبير" عبارة عن هضبة كبيرة ارتفاعها ألف متر، مساحتها مثل مساحة دولة ألمانيا وهي منطقة خالية من أي مصدر للمياه ولا يوجد بها سكان، وبها حياة طبيعية متنوعة، وتشهد دوريات منظمة من جانب الجيش المصري، ولكن بسبب مساحتها الكبيرة، فمن الصعب أن تستطيع الدورية تغطية المنطقة بأكملها".

وأضافت في حوار لموقع جريدة "اليوم السابع" أنها تعتقد أن اختطاف السائحين تم على مدخل قرية وادي كركور طلح الذي يقع في الأراضي المصرية، بينما تقع باقي القرية داخل الأراضي السودانية موضحة أن رحلات السافاري التي يتم تنظيمها في هذه المنطقة شديدة الحساسية والخطورة، ويجب أن تتم بحذر شديد ليس خوفاً من العصابات أو لوعورة المكان، وإنما لأن "الجلف الكبير" يبتعد عن أي عمران بمسافة 500 كيلو متر وأن الرحلات عادة تتم في مثل هذه الأماكن عن طريق قافلة من ثلاث سيارات دفع رباعي مجهزة وتتصل أجهزتها بالقمر الصناعي وبمرافقة ميكانيكي وضابط من الجيش المصري الذي هو الجهة الوحيدة التي تمنح التصاريح اللازمة لزيارة هذا المكان الذي يتمتع بطبيعة جيولوجية فريدة مكنته من أن يصبح محمية طبيعية منذ ثلاث سنوات. وتتكلف زيارة "الجلف الكبير" 10 آلاف دولار للفرد الواحد في رحلة تمتد إلى أسبوعين.

ولم يسبق لمصر في السنوات الأخيرة أن شهدت أي عملية اختطاف للسائحين فيما تنشط مثل هذه الأعمال الخارجة على القانون في اليمن والجزائر. لكن الحادث يأتي بعد أقل من أسبوع من تحذيرات أطلقتها إسرائيل بخصوص رعاياها تحذرهم فيها من الذهاب إلى سيناء خشية حدوث عمليات إرهابية. كما تزامنت العملية مع تسجيل صوتي استثنائي للرجل الثاني في تنظيم القاعدة "أيمن الظواهري" هاجم فيه الحكومة المصرية بشدة على خلفية حادث الدويقة الأخير.

وبعد نفي الفصائل المتنازعة في إقليم دارفور السوداني مسئوليتها عن الحادث. ذهبت التكهنات إلى أن عصابات تهريب الأسلحة في تشاد هي التي تقف وراء العملية أو أن تكون هناك يد للقاعدة في الموضوع رغم أن الأسلوب ومكان الاختطاف مغاير تماما لممارسات القاعدة.